طرق مقاومة الغزو الفكري

طرق مقاومة الغزو الفكري
طرق مقاومة تلك التحديات التي أنتجت هذه الآثار . ولاشك في أن على كل مسلم ذكر أو أنثى، صغر أم كبر، وفي أي بلد كان إسلامي أو غير إسلامي مسؤولية تناسبه، وكذلك على كل أسرة وعلى جميع المجتمعات الإسلامية مسؤوليات تناط بهم كل بحسبه، وهذه المسؤوليات التي يمكن من خلالها مقاومة الغزو الفكري كما يلي:
أولاً: مسؤولية الحكومات الإسلامية:
وهي مسؤولية عظيمة تحملوها ويجب عليهم أداؤها على أكمل وجه، وهذه المسؤولية تتمثل فيما يلي:
1 التمسك بالإسلام والاستقامة عليه؛ لأن الإسلام هو دين اللّه الذي فرضه على الناس، ولم يرتض لهم ديناً سواه، كما قال عز وجل: إن الدين عند الله الإسلام( 19 ) {آل عمران: 19}، وقال جل شأنه: ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين 85 {آل عمران: 85}. وقال سبحانه: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا 3 {المائدة: 3}. فالإسلام هو دين كامل وشامل لجميع شؤون الحياة، يحكم جميع شؤون الدنيا والدين، وفي الاستقامة عليه سعادة الدارين، وكذلك أمر اللّه تعالى نبيه بالاستقامة على دينه، كما قال تعالى: فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير 112 {هود: 112}، ولايمكن للمسلمين أن ينتصروا على أعدائهم إلا بهذا الدين، ودليل ذلك من كتاب اللّه: ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز 40 الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور 41 {الحج: 40، 41}.
2 الدعوة إلى اللّه تعالى: وهي طريق المرسلين، وسبيل محمد والمؤمنين، قال تعالى: قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على" بصيرة أنا ومن \تبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين 108 {يوسف: 108}، قال ابن كثير رحمه اللّه تعالى:"يقول تعالى لرسوله إلى الثقلين : الإنس والجن، آمراً له أن يخبر الناس أن هذه سبيله أي : طريقته، ومسلكه، وسنته، وهي الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا اللّه وحده لاشريك له، يدعو إلى اللّه بها على بصيرة من ذلك ويقين وبرهان، هو وكل من اتبعه يدعو إلى ما دعا إليه رسول اللّه على بصيرة ويقين وبرهان عقلي وشرعي..."(1)، ولو اعتنق الناس جميعاً الإسلام لذابت تلك التحديات، وأصبح الناس كلهم في سلام وإسلام، ولم تعد هناك مشكلات تواجه المسلمين من خارج أنفسهم؛ لذلك وجب على المسلمين حكاماً ومحكومين القيام بهذا الأمر بكل طريقة وأسلوب ممكن "وأساليب الدعوة متعددة، ومتنوعة، وبعضها يناسب مجتمعات ولايناسب أخرى، فالدعوة المباشرة أسلوب، والدعوة بالإغاثة أسلوب، والدورات أسلوب، والمنح الدراسية أسلوب، وكل مايحقق الهدف ولا يتعارض مع الشرع أسلوب تفرضه أحياناً الحال، أو الزمان، أو المكان، والدعوة إلى اللّه تعالى تتطلب العلم الشرعي أولاً، ثم الفقه فيه، وهما يعدان من أوليات مؤهلات الداعية إلى اللّه تعالى"(2) .
3 الوحدة الإسلامية: الأمة الإسلامية أمة واحدة، ربها واحد، ودينها واحد، ونبيها واحد، وصفّها واحد، ومنهجها واحد، قال تعالى: إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون 92 {الأنبياء: 92}، وقد أمر اللّه سبحانه وتعالى بالوحدة، ونهى عن التفرق والاختلاف في كتابه المبين، كما قال سبحانه: واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا 103 {آل عمران: 103}، وقال تعالى: وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين 46 {الأنفال: 46}. وقد كانت الأمة الإسلامية على منهج ربها تحت قيادة واحدة من عهد رسول اللّه إلى سقوط الخلافة الإسلامية على يد العميل الخبيث "كمال أتاتورك" جزاه اللّه بما يستحق ثم تشتتت بعد إلغاء الخلافة، وبفعل الاستعمار الذي جزأ الدولة الإسلامية حتى أصبحت دولاً لا دولة، تتناحر فيما بينها، ويسطو بعضها على بعض، ويخاف بعضها من غائلة بعض، وليس هناك من حل سوى التغلب على جميع الخلافات التي بينها، وإعادة الوحدة الإسلامية، وعندئذ تعود للأمة هيبتها، وترجع لها مكانتها، وتتقدم وتقود الأمم كما كانت سابقاً، وقد وجه المخلصون من العلماء والمفكرين دعوات صادقة لحكام الدول الإسلامية ليراجعوا حساباتهم، ويتجاوزوا خلافاتهم، ويعودوا إلى سابق عهدهم (3)، قائدهم كتاب اللّه تعالى، وقدوتهم رسول اللّه ، يسيرون على نهجه، ويتبعون سنته وحينها يتحقق لهم النصر: وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم 126 {آل عمران: 126}.
4 الجهاد في سبيل اللّه: إذا تحققت الوحدة الإسلامية، وقام عَلَمُ الجهاد في سبيل اللّه، رجعت للأمة الإسلامية هيبتها، وتغلبت على جميع التحديات الفكرية وغير الفكرية، ولكن الوحدة الإسلامية صعب تحقيقها في عصرنا الحاضر لما يعارضها من التحديات، وما يقف في طريقها من الصعوبات، إلا أن ذلك ليس مستحيلاً، فينبغي للأمة أن تعمل على تذليل تلك الصعوبات، وتتجاوز الخلافات؛ لكي تقترب من بعضها، وتتفق على الجهاد في سبيل اللّه؛ لأنه السلاح القاطع للقضاء على المكائد والتحديات الخارجية التي يغزو بها أعداء الإسلام مجتمعات المسلمين سواء كانت غزوات هؤلاء الأعداء عسكرية صريحة أم ثقافية وفكرية وأخلاقية(4)، قال تعالى: وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة 36 {التوبة: 36}، أي: قاتلوهم مجتمعين لحربهم، كما يجتمعون لحربكم(5). وهذا أمر لا مفر منه، قال تعالى: وأعدوا لهم ما \ستطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم 60 {الأنفال: 60} .
5 تطبيق الشريعة الإسلامية: لم ينزل القرآن، ولم يفرض الإسلام إلا لتطبيقه في كافة مناحي الحياة، وجميع شؤون المسلمين. فالإسلام يغني عن كل شيء، ولا يغني عنه شيء، وتطبيقه حتم لازم، قال تعالى: فلا وربك لا يؤمنون حتى" يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما 65 {النساء: 65}، وقال جل شأنه: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون 44 ، وفي الآية الأخرى: فأولئك هم الظالمون 45 هم الفاسقون 47 {المائدة: 44، 45، 47}

بارك الله فيكى يا إبنتى العزيزة و نتمنى أن تكتبى المزيد من هذه المواضيع الجميلة